بلسان الدحدوح… تفاصيل الساعات الأولى لـ”طوفان الأقصى”
روى مدير مكتب قناة “الجزيرة” في قطاع غزة، وائل الدحدوح الساعات الأولى للعملية التي سُميت بـ”طوفان الأقصى” في 7 تشرين الأول والتي نفذتها حركة “حماس” على مدن ومناطق إسرائيلية وأسفرت عن مقتل 1200 شخص واحتجاز أكثر من 200 رهينة، وكشف تفاصيل مقتل عدد من أفراد عائلته في القطاع.
وقال الدحدوح في “بودكاست” عبر منصة “أثير” التابعة لقناة الجزيرة القطرية: “في الصباح عادة تخرج (الصواريخ) من مناطق قريبة، وهي منطقة ذات طابع زراعي إلى حد ما، فيها هدوء كثير، فعادة الصواريخ التي تنطلق باتجاه البحر تقوم بها الفصائل الفلسطينية كصواريخ تجريبية”.
وأردف مراسل الجزيرة في غزة: “سمعت صوت صاروخ ثم صاروخين فقلت إن الأمر غير طبيعي فهذا ليس تجريبا، فتحت النوافذ فوجدت أن الصواريخ ليست باتجاه البحر بل باتجاه الشرق يعني اتجاه الأهداف الإسرائيلية وبدأت الصواريخ تنبعث من أكثر من مكان”.
وتابع الدحدوح: “فتساءلت: هل هو خطأ؟ هل هناك خلل في منظومة الصواريخ؟ وكنت أحدث نفسي في أجزاء من الثانية وتناولت الملابس وقلت لهم: وطنوا أنفسكم لثلاثة أو أربعة شهور وانطلقت إلى المكتب لكن لم أتوقع أن هذا الحدث سيكون على هذا النحو”، واصفا الأمر بـ”النجاح” في إشارة إلى العملية، على حد قوله.
وأردف مراسل الجزيرة قائلا: “بعد أن بدأت تأتي التفاصيل والصور والمعلومات عن الذي حدث ويحدث على مدار ساعات في غلاف غزة، وكانت العادة، عندما كانت تنطلق قذيفة صاروخية من قطاع غزة كانت ردة الفعل تكون فورية بغارة إسرائيلية وطائرات تقصف المكان وتقصف بعض المواقع وبعض الثكنات أو بعض نقاط الرصد، لكن في هذه المرة على الأقل داخل قطاع غزة لم نشاهد لا طائرات ولا قصف إسرائيلي على مدار نحو سبع ساعات”.
وروى الدحدوح تفاصيل مقتل أفراد من عائلته، قائلا: “جاء الخبر ونحن على الهواء مباشرة، وكنت أتحدث عن قصف كان كبيرا وعنيفا جدا في منطقة اليرموك في مدينة غزة,,, وكانت أحزمة نارية غاية في الصعوبة وأتحدث عن القصف الذي أصاب أسرتي دون أن أعرف وأن هذا الاستهداف أصاب المنطقة التي لجأت إليها أسرتي”.
وتابع مراسل الجزيرة في غزة: “ولكن بعد لحظة رأيت أن زميلي حمدان يتحدث وأنا أتحدث على الهواء مباشرة، سمعته يرد على اتصال هاتفي بنبرة فيها نوع من أنواع الخطر لكنني استرسلت في الحديث إلى الكاميرا والحديث عن التفاصيل ونتائج الغارات وبعد قليل رن هاتفي في الدرع فجاء حمدان مسرعا والتقط الهاتف فأدركت أن هناك شيئا، حاولت أن أستمع إلى ما الذي يقوله عندما يرد على الهاتف ووجدت أنه ضرب قدمه في الحائط ففورا التفتت وسألت: ماذا حدث؟ من مات؟ فقال: استهدفوا المكان الذي تقطن فيه عائلتك”.
وأضاف الدحدوح قائلا: “فظهر صوت ابنتي خلود فقالت: أنا ابنتك خلود ومعي سندس لكن الآخرين لا أعلم ماذا حل بهم… ولا أعرف من استشهد فيهم. وفي تلك اللحظة نسيت أنني على الهواء وصرت أحسب ما الذي حصل وكيف سأتصرف”.
وتابع المراسل قائلا: “الانتقال في الليل من مدينة غزة إلى وسط قطاع غزة هذه مجازفة ومغامرة وقرار صعب جدا، فممكن أن تشطب أنت أيضا قبل أن تصل إليهم ولكنني قررت أن أذهب، فلا يمكنني الانتظار حتى ساعات الصباح لأنها ستكون ساعات صعبة جدا”.
وأردف الدحدوح: “ركبت السيارة أنا وحمدان والسائق وتوجهت فورا إلى المنطقة، وعندما وصلنا وجدنا أن المنزل الذي كانوا فيه مدمرا والناس قد انتشلت بعض الجثامين فسألت من استشهد ومن نجا؟ ومن تم انتشاله ومن لم يُنتشل وكان هناك تضارب بالأسماء فهناك من قال محمود وهناك من قال بتول وهناك من قال إنه لا يعرف، فبحثت معهم وجدنا الحفيد آدم الذين كنت أحمله فانتشلته وقالوا لا يمكن أن نفعل أكثر من ذلك في الليل، فحملته وذهبت إلى مستشفى شهداء الأقصى وهناك كانت المشاهد الشهيرة على الهواء مباشرة”.
وأضاف الدحدوح: “دخلت وحاولت أن أتفقد ربما بعض الزملاء لم يدركوا كيف يبلغوني عن الذي استشهد من العائلة أو استصعبوا الموضوع، فدخلت وحاولت تفقد الجرحى ولم أجد أحدا”، وشرح موقف رؤية ابنته لابنها بين يديه إذ كانت تظنه حيا وأشار إلى أن الموقف كان صعبا جدا لكنه كان يجب أن “يبقى قويا”.
وكشف عن الطريقة التي أنقذوا ابنته التي كانت تحت الركام وأشار إلى أن ابنه الوحيد المتبقي حاليا هو يحيى الذي نجا من القصف رغم تعرضه لإصابات بالغة.
وتحدث الدحدوح عن أنه لم ير أسرته منذ أن غادر المنزل مع بداية الصراع، إلا بعد أن قُتلوا، وأشار إلى أنه أخذ معه الناجين من أسرته إلى مدينة غزة، بعد مقتل بقية أفراد العائلة.
وأشار مراسل الجزيرة إلى أنه اختار الاستمرار في العمل برسالة تحدي للجيش الإسرائيلي وأشار إلى أنه صمم على الخروج على الهواء مباشرة رغم كل الصعوبات آنذاك لأن في ذلك “أبلغ رد” على استهداف عائلته.